فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم والأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر، فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجًا لم تنضجه النار، حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض، والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر المكنون الذي في الأصداف، ثم قال: {جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوًا} قال: اللغو الحلف لا والله، وبلى والله {ولا تأثيمًا} قال: قال لا يموتون {إلا قيلًا سلامًا سلامًا} يقول: التسليم منهم وعليهم، بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون، ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدًا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينًا وتجيء حينًا مثل فاكهة الدنيا، ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقًا {فجعلناهن أبكارًا} يقول: عذارى {عربًا أترابًا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن، والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن {لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء الجار الذي قد انتهى حره، فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإِثم العظيم، قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا} إلى قوله: {أو آباؤنا الأوّلون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملأون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدًا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم فيما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون، إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون، ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطامًا فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا لمواريه {بل نحن محرومون أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجًا} يقول: مرًّا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعًا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارًا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود، أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء.
قال ابن عباس: ولم ذلك؟ قال: لأني أسمع الله يقول:
{إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 2] ويقول: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} [الدخان: 3] ويقول في آية أخرى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [البقرة: 185] وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره. قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى {بمواقع النجوم} يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة، وفي رمضان، ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين} {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النبي صلى الله عليه وسلم في حر، فعطش الناس عطشًا شديدًا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش، فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا، قال لعلّي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء، ذهبت حين الأنواء، فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين، ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب، ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي، فشربوا وسقوا دوابهم، ثم مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة، قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: إن ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: {ولا تيأسوا من روح الله} [يوسف: 87] {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون {فنزل من حميم} قال: ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأسًا من حميم {وتصلية جحيم} يقول: في الآخرة {إن هذا لهو حق اليقين} يقول: هذا القول الذي قصصنا عليك لهو حق اليقين يقول القرآن الصادق، والله أعلم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في السورة الكريمة:

قال عليه الرحمة:
سورة الواقعة:
قوله جل ذكره: (بسم الله الرحمن الرحيم) (بسم الله): اسم جبار من اعتنى بشأنه أحضره بإحسانه، فإن أبى إلا تماديا في عصيانه حال بينه وبيت اختياره بقهر سلطانه، وإن لم يلازم هذه الطاعة ألجأه بالبلاء فيأتيها باضطراره.
اسم عزيز أزلي، جبار صمدي، قهار أحدى، للمؤمنين ولي، وبالعاصين حفي، ليس لجماله كفي، ولا في جلاله سمي، لكنه للعصاة من المؤمنين ولي.
قوله جلّ ذكره: {إِذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعِتهَا كَاذِبةٌ}.
إذا قامت القيامة لا يردُّها شيءٌ.
{كَاذِبَةٌ} ها هنا مصدر: كالعافية، والعاقبة: أي: هي حقَّةٌ لا يدرها شيءٌ، وليس في وقوعها كذب.
ويقال: إذا وقعت الواقعة فَمَنْ سَلَكَ منهاج الصحة والاستقامة وَصَلَ إلى السلامة ولقي الكرامة، ومَنْ حادَ عن نهج الاستقامة وَقَعَ في الندامة والغرامة، وعند وقوعها يتبين الصادق من المماذق:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ ** تَبَيَّنَ مَنْ بكى مِمَّن تباكى

{خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ}.
{خَافِضَةٌ} لأهل الشقاوة، {رَّافِعَةٌ}: لأهل الوفاق.
{خَافِضَةٌ}: للنفوس، {رَّافِعَةٌ}: للقلوب.
{خَافِضَةٌ} لأهل الشهوة، {رَّافِعَةٌ}: لأهل الصفوة.
{خَافِضَةٌ}: لمن جَحَد، {رَّافِعَةٌ}: لمن وَحَدَ.
قوله جلّ ذكره: {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا}.
حُرِّكت حركةً شديدة.
قوله جلّ ذكره: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا}.
فُتَّتَت فكانت كالهباء الذي يقع في الكوَّة عند شعاع الشمس.
قوله جلّ ذكره: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاَثَةً فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ المَشْئَمَةِ مَآ أَصْحَابُ المَشْئَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّبِقُونَ}.
{مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}؟ على جهته التفخيم لشأنهم والتعظيم لِقَدْرهم وهم أصحاب اليمن والبركة والثواب.
{مَآ أَصْحَابُ الْمَشْئَمةِ}: على جهة التعظيم والمبالغة في ذَمِّهم، وهم أصحاب الشؤم على أنفسهم ويقال: أصحاب الميمنة هم الذين كانوا في جانب اليمين من آدم عليه السلام يومَ الذَّرِّ، وأصحاب المشأمة هم الذين كانوا على شماله.
ويقال: الذين يُعْطُوْن الكتابَ بأَيمْانهم، والذين يُعْطَوْن الكتاب بشمائلهم.
ويقال: هم الذين يُؤْخَذُ بهم ذات اليمين.. إلى الجنة، والذين يُؤْخَذُ بهم ذات الشمال.. إلى النار.
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}: وهم الصف الثالث. وهم السابقون إلى الخصال الحميدة، والأفضال الجميلة.
ويقال: السابقون إلى الهجرة. ويقال: إلى الإسلام. ويقال: إلى الصلوات الخمس.
ويقال: السابقون بصدْق القَدَم. ويقال: السابقون بعُلُوَّ الهِمَم. ويقال: السابقون إلى كل خير. ويقال السابقون المتسارعون إلى التوبة من الذنوب فيتسارعون إلى النَّدمَ إن لم يتسارعوا بصدق القَدَم.
ويقال: الذين سبقت لهم من الله الحسنى فسبقوا إلى ما سبق إليه:
{أُوْلَئِِك المُقَرَّبُونَ}.
ولم يقل: {المتقربون} بل قال: أولئك المُقَرَّبون- وهذاعين الجَمْع، فعَلِمَ الكافة أنهم بتقريب ربهِّم سبقوا- لا بِتقَرُّبهم.
{فِى جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
أي: في الجنة. ويقال: مقربون إلا من الجنة فمحال أن يكونوا في الجنة ثم يُقَرَّبون من الجنة، وإنما يُقَرَّبُون إِلى غير الجنة: يُقَرَّبون من بِساط القربة..
وأنَّى بالبساط ولا بساط؟! مقربون... ولكن من حيث الكرامة لا من حيث المسافة؛ مُقَرَّبةٌ نفوسُهم من الجنة وقلوبهُم إلى الحقِّ.
مُقَرَّبةٌ قلوبهُم من بساط المعرفة، وأرواحُهم من ساحات الشهود- فالحقُّ عزيز.. لا قُرْبَ ولا بُعْدَ، ولا فَصْلَ ولا وَصْلَ.
ويقال: مقربون ولكن من حظوظِهم ونصيِبهم. وأحوالُهم- وإنْ صَفَتْ- فالحقُّ وراء الوراء.
قوله جلّ ذكره: {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الأَخِرِينَ}.
الثُّلّة: الجماعة. ويقال: ثلة من الأولين الذين شاهدوا أنبياءَهم وقليل من الآخرين الذين شاهدوا نبيَّنَا صلى الله عليه وسلم.
ويقال: ثُلّةٌ من الاولين: من السلف وقليل من المتأخرين: من الأمة.